بحسب تقریر« آستان نيوز»، أكد آية الله أحمد المروي، في «المؤتمر الدولي الأول للكرامة الإنسانية والتحديات الأسرية في العالم المعاصر» الذي عقد في قاعة رودكي بجامعة الفردوسي في مدینة مشهد«11 تشرین الثاني/نوفمبر»، أن الأسرة هي الرکیزة الأساسیة للكرامة الإنسانية، واعتبر تفسير الغرب الحيواني للبشر مصدر ضرر للأسرة وقال: إذا بدأنا في تعليم البشر من الكرامة الإنسانية وبدأنا في مواجهة الحالات الشاذة من منظور الكرامة الإنسانية، فإن الکثیر من المشاکل الإجتماعیة ستُحَل.
وأشار إلى أن أحد أخطاء الغرب في قضية الكرامة الإنسانية أنه نتيجة تفسير الغرب الحیواني للبشر اختزلوا البيئة الأسرية إلى مستوى إشباع الرغبات الحيوانية، وتوهم الغرب أن وظيفة المؤسسة الأسرية هي فقط إشباع الحاجات الجنسية، وهذا النهج الخاطئ للأسرة تسبب في انهيار الأسرة في الغرب.
وأضاف المتولي الشرعي للعتبة الرضویة: الأسرة هي المركز الرئيسي لتربية الإنسان ومنح الكرامة لأفراد الأسرة، فالإنسان مزيج من الجسد والروح، والأسرة هي أيضا المكان الذي يتم فيه تلبية الاحتياجات الجسدية والروحية للإنسان.
لا يمكن تنمية العديد من الصفات الروحية السامیة للبشر إلا في البيئة العائلية، وفي البيئة العائلية يتغلب الإنسان على أنانيته ويُؤثر الآخرين على نفسه. الأسرة هي مكان للتطور ونكران الذات والصبر والفضائل الإنسانية الأخرى.
وقال: إن تجاهل الكرامة أو إساءة تفسيرها يمكن أن يؤدي إلى نتائج مريرة ومؤسفة للغاية، فالأمة الإسلامية اليوم تسير على طريق بناء حضارة إسلامية جديدة وبناء هذه الحضارة لن يتحقق إلا على أساس الكرامة الإنسانية. بالطبع، تشکلت الحضارة الغربية أيضا علی نفس هذا الادعاء، لكن تفسيرهم الخاطئ للكرامة الإنسانية خلق هذا الوضع للإنسانية اليوم.
وأضاف الشیخ المروي: الخطأ الكبير للغرب أنه عانى من تناقض معرفي، فمن ناحية نزّل الإنسان واحتياجاته ورغباته إلى مستوى الحیوان، ومن ناحية أخرى تحدث عن كرامة الإنسان؛ لا يمكن الاهتمام فقط بالبعد المادي للبشر والحديث عن كرامة الإنسان.
شعار كرامة المرأة من أكبر أكاذيب وخدع الحضارة الغربية
وتأكيدا على أهمية صون كرامة المرأة كضامن لحضورها الاجتماعي المؤثر من منظور الإسلام، أشار المتولي الشرعي للعتبة الرضویة إلى ما يلي: من منظور الإسلام، يمكن لكل من الرجال والنساء الوصول إلى جميع الكمالات الإنسانية والتقدم في جميع المجالات المعرفية والروحية والأخلاقية والثقافية والسياسية.
وقال: يؤكد الدين الإسلامي الحنیف على ضرورة الحفاظ على كرامة الفتيات والنساء حتى يتمكن من التقدم على أساس هذه الكرامة في مختلف المجالات العلمية والروحية والأخلاقية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وتحقیق حياة كريمة. إن الحفاظ على كرامة النساء والفتيات لا يعني النظر إليهن نظرة جنسیة وأدوات في المجتمع، بل السماح لهن بإیفاء دورهن كركن اجتماعي فعال بقدرات مختلفة عن الرجال.
وشدد الشیخ المروي على أن إیفاء أي دور حقيقي للمرأة في المجتمع يعتمد على صون كرامتها، وقال: ندعو النساء إلى العفة والعصمة و والإلتزام بالحجاب والكرامة الإنسانية، وهي ليست كرامة للمرأة المسلمة فحسب، بل كرامة جميع النساء أيضا، ومن يشجع النساء على الزينة بطريقة تجذب انتباه العيون الشهوانية والنجسة يجب أن يجيبوا عن سبب إذلال المرأة إلى هذا الحد وانتهاك كرامتها.
وأشار إلى أن الحضارة الغربية تسلب كرامة المرأة من جهة وتتحدث عن حقوق المرأة من جهة أخرى، وهذا من أكبر أكاذيب وخداع الحضارة الغربية، ولهذا نقول إن الحجاب ليس قيدا وتهديدا لنسائنا، بل هو فرصة عظيمة للمضي قدما على طريق التميز والتقدم والحضور الاجتماعي الفعال.
وقال المتولي الشرعي للعتبة الرضویة: من شعارات الثورة الإسلامية مقابل الحضارة الغربية أن كرامة المرأة يجب أن تُرد لها، ويجب أن تكون المرأة قادرة على تحقيق التميز والتقدم في مختلف مجالات الحياة الإنسانية مع الحفاظ على هويتها وكرامتها.
سلب الکیان الصهيوني المحتل لکرامة الإنسان
وفي إشارة إلى جرائم الکیان الصهيوني في غزة ولبنان، قال المروي: ما يحدث اليوم في غزة ولبنان على يد الکیان الصهيوني ليس فقط قتل البشر، بل قتل الكرامة الإنسانية وقتل العائلات. في القصف المتکرر للکیان الصهيوني والجرائم الفظیعة التي یرتکبها هذا الکیان اللقيط، لا يتم قتل رجال الأسرة فحسب، بل يتم قتل أفراد الأسرة بأكملها، ويجب أن يشعر الجميع بالمسؤولية عن هذا الأمر.
وأشار إلی الآیة المبارکة «مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا»؛ قائلا: وفقا لهذه الآية المبارکة، فإن الشخص الذي لا يتردد في قتل مجموعة من البشر من أجل رغباته الدنيوية ورغباته الجسدية والشيطانية، لن يتردد في قتل جميع البشر من أجل إرضاء هذه الغرائز الحيوانية، وهذا هو تعبیر القرآن في هذه الآیة.
وأضاف المتولي الشرعي للعتبة المقدسة: في حروب العالم التقليدية، ليس من المتعارف قتل العائلات والأطفال و والنساء والرجال من المدنيين العُزل، بل يتم محاربة القوات العسكرية فقط، لكن هذه الحضارة البربرية ولسنوات طویلة لم تحترم مؤسسة الأسرة ودمرت أساسها باسم حقوق الإنسان والدفاع عن حقوق المرأة، واليوم تقتل العائلات في غزة ولبنان.
وفي إشارة إلى صمود وشجاعة شعبي فلسطين ولبنان، قال: إن المشهد الأسود والمظلم للحرب في غزة ولبنان يرافقه مشهد جميل، وهو صبر ومثابرة ومعنويات العائلات العالیة، وأهالي غزة ولبنان، الذين رغم استشهاد أحبتهم وتضحياتهم العظیمة، يتحدثون عن المقاومة واستمرار طريق أحبتهم، ویقدمون مظاهر جميلة من الحرية والإنسانية.
تحقيق القيم الإنسانية مرهون بصون الكرامة
وأشار مروي إلى أنه إذا كانت هناك كرامة إنسانية، فلن يكون الإنسان أُسیر الرغبات الجسدية، وقال: كل القيم التي يسعى إليها الدين في كمال الفرد والمجتمع تستند إلى الكرامة الإنسانية.
إذا تحدثنا عن الأخلاق، إذا تحدثنا عن العدالة، إذا تحدثنا عن الحرية، والقيم الإنسانية الأخرى، كل هذه تستند إلى كرامة الإنسان. إذا لم تكن هناك كرامة في الفرد والمجتمع، فمن المستحيل تحقق هذه القيم في الفرد والمجتمع.
وقال: إذا كان للبشر كرامة في المجتمع، فلن يخضعوا لأسر أمثال فرعون والنمرود. المتغطرسون من أجل استعباد أمة، أول ما یقومون به هو سلب كرامتهم.
يتحدث القرآن حول طريقة فرعون في السيطرة على الناس، وهي سلب كرامتهم الإنسانية، وهذا هو طريق جميع الظالمين والمستكبرين. عندما يسلبون كرامة البشر، كما لو أنهم سلبوا هوية الإنسان، والشخص الذي لا هوية له يتأثر بتعالیم كل قبح وشر.
وأشار المتولي الشرعي الی الآیة المبارکة «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا»، قائلا: الكرامة تعني العظمة والشرف والكرم والشهامة لشيء ما أو شخص لديه كل هذه الصفات الحمیدة. الكرامة نعمة وهبها الله وجوهرة ثمينة وضعها الله سبحانه وتعالى في جميع البشر ولا تقتصر على قلة محددة. سعى الله سبحانه وتعالى إلى الحفاظ على هذه الكرامة في البشر، من خلال إرسال الأنبياء الإلهيين ووضع الدين للناس.
تعليقك