موقع (العتبة الرضوية المقدسة): ويوجد في العتبة الرضوية المقدسة مئذنتان، إحداهما بالقرب من القبة المقدسة والأخرى أمامها، تحديدا فوق الرواق العباسي شمال الصحن القديم، وتجلبان هاتين المنارتين القديمتن المغطاة بالذهب، تجلبان بشكلهما الفني البديع حالة روحية عرفانية لزوار الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام).
وتقول الوثائق إن تم بناء المئذنة القريبة من القبة في نفس وقت بناء القبة المطهرة، حيث يعود تاريخ تشيدها للقرن الخامس للهجرة، لأنه في الهندسة المعمارية لهذه الفترة، كان من الشائع بناء مئذنة واحدة بجوار القباب، والدليل على هذا الادعاء هو قبة ومئذنة "سنك بست" التي تتواجد بالقرب من مدينة مشهد المقدسة شمال شرقي إيران.
وهناك بعض النصوص التاريخية التي ترجح تاريخ بناء المنارة القريبة من القبة لعهد الصفوي، وذلك بأمر من قبل الملك طهماسب الصفوي، حيث لا تكون هذه الرواية صحيحة، بل تم ترميم وتعديل القبة والمنارة في عهد هذا الملك الصفوي، لكن بنائهما يعود لعهد الغزنويين وتحديدا في فترة حكم السطان مسعود الغزنوي، ويأكد هذه النقطة بيهقي في كتاب "تاريخ المسعودي".
لكن المئذنة الثانية التي لا تزال تعرف بالمنارة النادرية، يعود تاريخ بناءها لعهد حكم الملك نادر الافشاري، الذي تعهد عند زيارة لضريح الإمام الرضا (عليه السلام)، بترميم وتوسيع هذا الضريح المقدس بعد فتحه لمدينة هرات، إذ عمل بعهده بعد انتصاره وفتحه لمدينة هرات في عام ۱۱۴۴ للهجرة.
وبصرف النظر عن عمر هاتين المنارتين، أن هناك حالة فريدة في هندستهما المعمارية، التي أشار إليها العديد من المؤرخين، بما فيهم المرحوم عطاردي وإحتشام كاويان، حيث أوضحوا أن على الرغم من المسافة كبيرة بين المئذنتين، فأن القادمين من جنوب العتبة المقدسة، عند رؤيتهم للضريح الطاهر يتصورون أن القبة موضوعة بين هاتين المئذنتين.
ولا يعرف أن المهندس الثاني كان قاصد هذه الحالة الفنية أو أن طبيعة العمل قد أتى بهذه الطريقة، ومما دفع ذلك الكثيرين إلى الاعتقاد بأن المنارة الثانية هي تحفة علمية ومعمارية للشيخ بهائي، إذ لا توجد وثائق تاريخية موثقة تصدق هذه الرواية.
ورممت منارات العتبة الرضوية المقدسة، التي كانت مهترئة، بسبب سمكها المنخفض وتأثير العوامل الطبيعية، حيث أعيد بناؤها بالطوب الجديد المغطى بالذهب، وذلك بعد فوز الثورة الإسلامية الإيرانية، حيث للقيام بهذه المهمة تم تفكيك بلاطات الطين القديمة، وصب الخرسانات تحتها ثم تم تغطية سطح المنارات مرة أخرى بألواح نحاسية مطلية بالذهب بطريقة التحليل الكهربائي.
جدير بالذكر أن يوجد الآن حوالي ۱۴۵ مترا مربعا من الطين المذهب على سطح كل منارة من منارات العتبة الرضوية المقدسة.
تعليقك