حرم الإمام الرضا (ع)؛ القِبلة الأخيرة لمن لم یحالفه الحظ بالمشارکة بمسیرة الأربعين الحسيني

شارک حشد كبير من زوار وجیران الإمام علي بن موسى الرضا (ع) في مراسم مَن فاتته المشارکة بمسیرة أربعين سید الشهداء الدینیة، وتوجهوا إلی الحرم الشریف وهم یطلقون شعارات یا حسین یا حسین.

وبحسب وكالة أنباء آستان نيوز، انطلقت صباح اليوم في الساعة الثامنة صباحا، مراسم مَن لم یتمکنوا من المشارکة في مسيرة أربعين الإمام الحسين (ع)، من ساحة البسیج (التعبئة) في مدينة مشهد الرضا (ع) وتستمر حتى الساعة الثامنة مساء.

وفي هذا الطريق يمكن مشاهدة الحضور الغفیر من الزائرین والجيران الذين بدأوا مسيرتهم بترديد «يا حسين (ع)» ومن المفترض أن ينهوا مسيرتهم في الحرم الرضوي الشریف، لتقدیم العزاء للإمام الرضا(ع).

خطوات صغيرة في حَضرة الإمام الرؤوف (ع)

قبل الوصول إلى ساحة البسيج يمكن سماع أصوات الحزن والعزاء من المواكب ومجموعات العزاء، ورؤية الدموع والحزن على وجوه الناس.

يُسمع صوت «يا حسين (ع)»؛ امرأة تجلس على حافة الطریق في وسط الساحة، وكأنّ أذنيها وقلبها يتناغمان مع هذا الصوت، تنظر أيضًا إلى قبة الإمام الرضا (ع) الذهبية، التي تلوح في أفق عينيها، فيُرى في هذا المشهد تناغمٌ وجمال لا یمکن وصفه.

نسیر نحوها لنعرف ما في قلبها؛ قبل کل شيء، تسيل الدموع على خديها وتقول: علی رغم أني مُذنبة ولم أتمکن من الحضور في هذا الطريق، إلا أنني طلبت من صاحب هذا اليوم، وبشفاعة الإمام الرؤوف (ع)، أن يتقبل خطواتي القلیلة والصغیرة بعظمته وکرمه. نحن أیضا، نكرر مثلها هذا الدعاء في قلوبنا ونبدأ مسيرة المشي، نسير وسط الحشود.

قلوبٌ وطأت أقدامها هذا الطریق أملا بحرم الإمام الرؤوف(ع)

وعلى طول الطريق نرى المواكب ومجموعات العزاء التي تحمل في قلوبها محبة أهل البيت (ع) وصاحب كربلاء وجاءت إلى هنا لتثبت محبتها لأهل بیت النبوة والطهارة والجود والکرم.

وزینت صور شهداء حرب الإثني عشر یوما بین ایرام وکیان الإحتلال الصهیوني شارع الإمام الرضا (ع) ويُقدّم العديد من المواكب العصائر والشاي للزائرین والمشارکین، لأنه لم يحن وقت الغداء بعد.

وفي هذه الأثناء، تستقبل المواكب عُشاق الإمام الحسین(ع) بوجبات الإفطار والكعك والفواكه وبعض الأطعمة الساخنة على طول الطريق؛ ولكن لا بد من الاعتراف بأن هذا الطريق الذي يبلغ طوله كيلومترًا ونصفًا، مقارنة بالطريق الذي يبلغ طوله 80 كيلومترًا من النجف إلى كربلاء، هو السبيل الوحيد لطمئنة القلوب التي أرادت المشارکة في مسیرة المشایة لكنهم لم يتمكنوا من ذلك، وكل أملهم هو في نهاية الطريق، عندما تجد قلوبهم السلام والراحة في حرم إمام الرحمة(ع).

دعم جبهة المقاومة؛ القاسم المشترك بين مسیرة مشایة مشهد وكربلاء

ولعل أهم قاسم مشترک بین مسيرة من فاتته مشایة الأربعين في مشهد المقدسة مع تَجمُّع الأربعين الحسيني العظیم هو شعار: «الموت لإسرائيل» وشعارات نُصرة الشعب الفلسطيني وأطفاله الجياع والمجاعة التي یتعرض لها، والتي تُدمي قلب كل إنسان حر؛ وقد وضعت بعض المواكب لافتات تحث علی تقدیم المساعدات لأهالي غزة بجوار أماکن استقبال المشارکین، ويمكن سماع أصوات أناشيد حماسیة معروفة مثل «خيبر، خيبر، یا صهيون» من وقت لآخر على طول الطريق.

يسعى عدد من الناس على طول الطريق أيضاً إلى إبراز كراهيتهم لجرثومة الفساد هذه قدر استطاعتهم؛ مثل الکوفیة الفلسطينية التي تظهرعلى أكتاف النساء والرجال، أو بعض العوائل التي ألصقت على حجاب بناتها ورقة بيضاء کُتب عليها « الموت لإسرائیل »، ومجموعات مختلفة على طول الطريق تؤکد دعمها لجبهة المقاومة.

استنشاق النسيم الحسيني في قلوب أطفال المدينة ونسائها ورجالها

مع اقتراب موعد أذان الظهر، وسماع صوت الله أكبر والشهادتين، تقترب خطواتنا من نهاية الطريق.

وعلى طول الطريق، يمكن رؤية الأمهات وهن يصطحبن أطفالهن إلى هذا الإجتماع الروحاني في عربات الأطفال حتى یستنشقوا النسمات الحسينية في طریق الحرم الرضوي الشریف من سن الرضاعة والطفولة، وما أطيب وأعذب هذه الرائحة، أو الآباء الذين رافقوا مع عائلاتهم أطفالهم الصغار والكبار والتقطوا صورة تذكارية، وخلفَهم حرم الإمام الرضا (ع) حتى تبقى هذه الخطوات خالدة في الأذهان.

أجدادٌ على كراسي متحركة برفقة أحفادهم، وشبابٌ ویافعون يقضون أوقاتًا ممتعة مع أصدقائهم، ويتوقفون بين الحين والآخر على طول الطريق لقضاء المزيد من الوقت معًا؛ وأيُّ وقتٍ أجمل من السير على درب أربعين الإمام الحسين (ع) لتذوب قلوبهم بنور الإمام الحسين (ع)؟

تجديد بيعة الزائرین والمجاورین للإمام الرؤوف(ع)

نسير في شارع الإمام الرضا (ع) ونصل إلى حرم ایران. ملجأ للقلوب المكسورة الحزينة التي خیّم علیها حزن مصيبة كربلاء العظيمة، فتوجهت إلى هذا المكان المقدس، تستأذن بالدخول بـالسلام عليك يا علي بن موسى الرضا (ع)، لكي يقدم كل فرد بدوره تعازيه بهذه المصیبة العظیمة التي هزت العرش لسلطان خراسان(ع).

بعد السلام وأداء صلاتي الظهر والعصر، يستمع الزوار إلى صوت المداح الذي یقرأ زيارة الأربعين ویذهب بالقلوب إلى كربلاء، ویقول في عجائب هذا اليوم: مَن أنت حتى یثور العالم بعدك بألف عام»؟، ويدعو الزوار إلى تجديد البيعة للإمام(ع). بیعة للبقاء على خُطى الإمام في أقواله وأخلاقه وسیرته، وهو السبيل الوحيد لإنقاذ البشرية.

رمز الخبر 6985

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha