وبحسب وكالة آستان نيوز، أکد آية الله أحمد مروي في الدورة السادسة لمؤتمر الإمام الرضا (ع) العالمي، والذي يتزامن مع عشرة الكرامة وعشية ولادة الإمام الرضا (ع)، والذي عُقد مساء اليوم الاثنين 5 مايو 2025 في قاعة القدس بالحرم الرضوي الشریف، بحضور الدكتور مسعود بزشكيان، رئيس الجمهوریة و حشد من المسؤولين العلميين والمثقفین في البلاد ومثقفين من 21 دولة علی التركيز على حقوق الإنسان وكرامته والاستفادة من تعاليم أهل البيت (ع)، وخاصة تعاليم الإمام الرضا (ع)، أشار إلى الأزمة الأخلاقية والإنسانية التي يعيشها العصر الحاضر، وأكد على ضرورة العودة إلى تعاليم مدرسة أهل البيت (ع) وقال:
في زمن غطى فيه غبار الجهل والظلم والخداع وجه الحقيقة، وأصبح مدعو الدفاع عن حقوق الإنسان هم أنفسهم سبب انتهاکها، فإن الإنسانية بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى العودة إلى المصادر النقية للمعرفة.
وأكد أن كرامة الإنسان في المدرسة الرضوية ليست قضية سياسية أو اجتماعية، وأضاف: في مدرسة الإمام الرضا (ع) تنبع كرامة الإنسان من الفطرة الإلهية.
في هذه المدرسة، الكرامة الإنسانية ليست شيئاً يمكن منحه أو أخذه على أساس المصالح السياسية أو العلاقات الاجتماعية، بل هي حقيقة متأصلة مرتبطة بخلق الإنسان ویتبلور معناها في إطار العبودية الإلهية.
وبالإشارة إلی حديث سلسلة الذهب قال متولي العتبة الرضوية المقدسة: من وجهة نظر الإمام الرضا (ع) فإن الإنسان يكون عزيزاً وكريماً ما لم يَحِد عن طريق العبودية والولاية الإلهية. ونظرته التوحيدية تعتبر أن الإنسان هو مرآة الأسماء والصفات الإلهية، وأنه قادر على بلوغ منصب خليفة الله.
الأزمة العالمية للكرامة الإنسانية هي نتيجة البعد عن مدرسة أهل البيت (ع).
وفي إشارة إلى المآسي الإنسانية التي يعيشها العالم اليوم، بما في ذلك الإبادة الجماعية، والجوع، وتدمير البيئة، والفقر الواسع النطاق، قال آية الله المروي: لقد أصبحت حقوق الإنسان اليوم أداة في أيدي الأقوياء، مما أدى إلى خلق فجوة عميقة بين المُثُل العليا والواقع؛ وفي مثل هذه الظروف فإن أتباع المدرسة الرضوية مسؤولون عن الاجابة عن الاحتياجات المعرفية للإنسان المعاصر من خلال شرح كرامة الإنسان بشكل عام من وجهة نظر أهل البيت (ع).
وتابع متولي الرضوية المقدسة: إن سلوك الإمام الرضا(ع)، سواء أمام أتباع دينه أو في تعامله مع أتباع الديانات الأخرى أو في مواجهة المؤيدين ومناقشة المعارضين، كان دائماً مَبنِياً على الاحترام وتكريم الإنسان وحماية حرمة النفس البشرية.
لقد قدّم الإمام الرضا (ع) بسعة صدره وثباته العلمي نموذجاً لا مثیل له للحوار بين الأديان والمذاهب، قائماً على الاحترام والعقلانية وحفظ كرامة الطرف الآخر.
وأضاف: في المفهوم الرضوي؛ الأخلاق الفردية والاجتماعية هما وجهان لعملة واحدة. إن الصفات مثل العدالة، والحلم، والصدق، والرحمة ليست مجرد صفات أخلاقية، بل هي انعكاسات للكرامة المقدسة داخل الإنسان، ويجب ترسيخ هذه الصفات ليس فقط في التفاعلات الفردية، بل أيضاً في البنية الاجتماعية والسياسية للمجتمع.
حفظ كرامة الإنسان في السیرة العملية للإمام الرضا (ع)
وفي إشارة إلى رواية من السیرة الرضوية قال آية الله المروي: كلما فَرَش الإمام الرضا (ع) مائدة طعام لم يمنع اختلاف اللون والعرق ولا اختلاف المكانة الجميع من الخادم إلى الوكيل من الجلوس إلى جوار إمام الکرامة والرحمة ومشاركته طعامه
وفي يوم من الأيام اقترح أحد الحاضرين على الإمام أن يتم وضع موائد منفصلة للخدم، لكن الإمام رد قائلاً: إن أب وأم كل الناس واحد، والتقييم يكون حسب العمل؛ وهذا السلوك هو التجسيد العملي للآية الكريمة: «إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ»
وأوضح متولي العتبة الرضوي أن الكرامة في المدرسة الرضوية لا تُقَیّم بالمال أو السلطة أو النسب، بل بالعبودية الصادقة والتقوى الحقيقية.
لم يكن الإمام الرضا (ع) معروفا بمساعدة المحتاجين فحسب، بل كان أيضاً يحافظ على عزة أنفسهم من خلال سلوكه؛ وفي بعض الأحيان كان إحسانه يأتي على شكل قرض، ولم یکن ینظر لوجه السائل حتى لا یجرح كرامته .
الحرية هي الركيزة الأساسية للكرامة في الفکر الرضوي
وأكد آية الله المروي: في المدرسة الرضوية لا يمكن الحديث عن كرامة الإنسان دون الحديث عن الحرية؛ لأن الحرية لها كرامة متأصلة في الطبيعة البشرية؛ ولهذا السبب أكد الإمام الرؤوف(ع) في مواقف مختلفة على حرية الإرادة البشرية. لقد خلق الإنسان حراً حتى يتمكن من اختيار طريق الهداية بحرية وعقل. إن أي استبداد أو سيطرة أو إذلال للإنسان يتعارض مع مبدأ خلق الإنسان.
وأشار متولي العتبة الرضوية المقدسة إلى أن العالم اليوم أكثر عطشاً من أي وقت مضى لأفكار تحمل رؤية شاملة تحترم كرامة الإنسان.
ومن واجبنا أن ننشر هذه الفكرة في كافة المجالات، بما في ذلك الإنتاج الفكري، والإعلام، والفضاء الإلكتروني، والدبلوماسية الثقافية، والمراكز العلمية؛ كما أثبت الإمام الرضا (ع) حقيقة مدرسة أهل البيت (ع) في عصره ببيانه البليغ وسلوكه الحسن.
الإستفادة من القدرة الکبیرة التي يتمتع بها هذا المؤتمر لتحقيق العدالة العالمية.
أكد متولي العتبة الرضوية المقدسة على المكانة المتميزة التي يتمتع بها هذا الحدث الدولي في نشر تعاليم أهل البيت (ع) وقال: من المناسب الاستفادة على نطاق أوسع من الإمكانيات الكبيرة والفريدة التي يتمتع بها مؤتمر الإمام الرضا (ع).
يمكن أن يكون هذا المؤتمر بداية لانتفاضة عالمية لاستعادة كرامة الإنسان وحقوقه بنظرة مختلفة تقوم على التعاليم الإلهية
وأشار إلى ضرورة الاستفادة من الطاقات العلمية والثقافية لهذا المؤتمر، وأضاف: من خلال تشكيل شبکة دولية من المفكرين المُنادین بالعدالة، وتنظيم حوارات علمية بين الثقافات تتمحور حول العقلانية الدينية، وإنتاج ونشر الخطاب المعرفي لأهل البيت (ع) باللغات الحية في العالم، ومن خلال دعم المبادرات القائمة على الكرامة في المجالات الاجتماعية والقانونية، وتشكيل جبهة موحدة للدفاع عن حقوق المضطهدين والمظلومين، يمكننا وضع فكرة العدالة العالمية موضع التنفيذ.
الحضارة الإسلامية الحديثة ترتکز على كرامة الإنسان.
وتابع متولي العتبة الرضویة كلمته مشيراً إلى تصريحات قائد الثورة الإسلامية: إن الحضارة الإسلامية الحديثة تقوم على التوحيد من منظور وجودي، وعلى العدالة من منظور غائي، وعلى الروحانية من منظور معرفي، وعلى الكرامة من منظور أنثروبولوجي.
وتوفر هذه المبادئ إطارًا واضحًا لبناء مستقبل عادل وإنساني يرتكز على التعاليم الإسلامية.
وأكد آية الله المروي على دور الإرادة المؤمنة في بناء مستقبل الإنسان، مشيرا إلى أن عالم الغد هو مرآة لإرادتنا اليوم.
إذا اتخذنا الیوم خطوات بإيمان وبصيرة لحماية الكرامة الإنسانية، فإننا سنخلق غدًا لا يُحرم فيه أي إنسان من الحق في الحياة، والحق في الأمن، والحق في الفكر، والحق في الإيمان، والحق في الكرامة.

أكد متولي العتبة الرضوية المقدسة أن العودة إلى مدرسة أهل البيت (ع) هي الحل لإنقاذ الإنسان المعاصر، وقال: في مدرسة الإمام الرضا (ع) تنبع كرامة الإنسان من الفطرة الإلهية.
رمز الخبر 6317
تعليقك