بحسب وكالة أستان نيوز، جاؤوا بأغطية رأس(کوفیات) صغيرة، وعصابات رأس خضراء أو حمراء مربوطة حول جباههم، وملابس بيضاء أو خضراء فاتحة، وأيادي لم تجرّب الدنيا بعد، ليُظهروا للعالم أن الإمام الحسين (ع) لا يزال يتمتع بمثل هذا الإخلاص بعد قرون.
خيّم الحزن والأسى على رواق الإمام الخميني (رض) في أول جمعة من شهر محرم الحرام، حيث اجتمعت آلاف الأمهات والأطفال الذين ذرفوا الدموع ولطموا علی علي الأصغر(ع) ابن الستة أشهر الذي استشهد في کربلاء؛ وقد خلقت تناغمات الأناشيد والرثاء التي صدحت في حناجر الأمهات أجواءً مفعمة بالحزن والروحانية في هذا المكان المقدس.
بكاء الرضّع يهز سقف الرواق العالي، الجدران، المرايا، النوافذ... الجمیع یبکي.
لا، هذه ليست مجرد مراسم، هذه وثیقة حب كربلاء؛ دلیل تَحمّل نفاد صبر المولود الجديد
منذ ساعات الصباح الباكر، توافدت الأمهات من مختلف أرجاء المدينة، بل وحتى من مدن بعيدة، إلى الحرم الشریف بملابسهن السوداء؛ وألبسن أطفالهن ثيابًا خضراء أو بيضاء وعصابات رأس أو قبعات كُتب عليها «يا صاحب الزمان (عج)»، «يا علي الأصغر (ع)»، و«يا حسين (ع)»، تخليدًا لذكرى علي الأصغر (ع).
يطلب الرادود الحسیني من الأمهات حمل أطفالهن بين أذرعهن. يقول: لا تحركوهم، ولكن هل یمکن هذا؟ أي أم تستطيع أن تبقى ساكنة بينما یطلب طفلها الحليب بلهفة؟
أي قلب يستطيع تَحمّل ألم طفل بريء وسط هذا الضجيج من الحزن؟
صوت الردود يهزّ مكبرات الصوت، وقلوب الأمهات أكثر؛ يضيع بكاء الأطفال في أنین الأمهات.
تتساقط دوع الأمهات، مثل سُحب الربيع.
والله لو کُنَّ في كربلاء ذلك اليوم لبلّلن شفتي علي الأصغر الجافتين بهذه الدموع.
في زاوية الرواق، أم غير قادرة على التحمل.
وضعت حملها حدیثا، وطفلها عمره يومان. تتكئ على الحائط، تنزلق وتجلس، تحمل طفلها بين ذراعيها، وتضعه تحت حجابها، بعد قليل، يتوقف بكاء الطفل، تطلق الأم صرخة من أعماق قلبها: «يا علي الأصغر»، ثم تفقد وعيها.
عند رؤية هذا المشهد، يضرب الأب صدره: جعلت فداک مولاي،کیف تحملت هذا المشهد المؤلم؟
يرفع الرادود صوته: یزید من الحزن؛ هل رأيتم كيف يمسك الأطفال إصبعکم؟
اعتاد علي الأصغر علی الإمساک بإصبع عمه العباس.
ولکن الآن، یا صاحب الزمان...
مکان تلك اليد العطوفة، حط سهم ذي رؤوس ثلاثة رحاله. هو یتألم الآن، لا أحد يصمت.
هذا ليس تجمعًا للعزاء، بل خيمة قلوبٍ مُتقدةٍ مُحبة؛ والعدو، في الجانب الآخر من العالم، يخشى رؤية أطفالٍ لم يتكلموا بعد.
فيستجيبون لنداء إمام زمانهم: «هل من ناصر ینصرني»، فهم يعلمون جيداً أن هؤلاء الأطفال قد رضعوا سر كربلاء من حليب أمهاتهم.

الجو حار، الشمس تسطع على حجارة الصحن الساخنة، وأطفال رُضّع ببشرة ناعمة كالريش، بين أحضان أمهاتهم، يسيرون ببطء نحو رواق الإمام الخميني (رض).
رمز الخبر 6693
تعليقك