وفقا لتقرير "العتبة نيوز" أقيمت مراسم الإعلان عن هذه المشاريع في بهو قاعة القدس في المكتبة المركزية للعتبة الرضوية، حيث تحدث فيها الدكتور جعفر مرواريد، المساعد الخاص في المنظمة العلمية والثقافية في العتبة الرضوية ومسؤول المشاريع والبرامج فيها، مؤكدا في كلمته أنّ البحث العلمي هو العقل المدبر في كل مؤسسة ومنظمة.
وقال: مضافا إلى النظرة التقليدية للمكتبة بوصفها قاعة للقراءة والمطالعة ومركزا لتبادل الكتب وفي النهاية إعارة الكتب بشكلها المادي المعروف، هناك نظرة أخرى لها باعتبارها مؤسسة اجتماعية ودولية، ولهذا الاعتبار جذور في الحضارة الإيرانية الإسلامية.
وأوضح الدكتور مرواريد أنّ المكتبات هي قاطرة التبادلات الاجتماعية وتقع في نقطة البدء فيها، وأنّ حضور المكتبات إلى جانب الكتاتيب والسوق يظهر الدور الاجتماعي والثقافي الذي يمكن تصوره لهذه المكتبات.
وقال: لقد كان للمسلمين تبادلات ثقافية مع مختلف الحضارات، وقد أعادوا تصدير ما وصلهم من علوم سائر الشعوب إلى عالم الغرب بعد أن صبغوه بصبغتهم وأضفوا عليه من خصائص هويتهم، وقد كان للمكتبات دور بالغ الأهمية في جميع هذه المراحل.
وتابع مراوريد قائلا: في الظروف الحالية تفتقد النخب العلمية والثقافية للبيئة الآمنة والهادئة، والوظيفة الأولى للمكتبات هي تأمين مثل هذه البيئة وتهيئة الأرضية للنشاطات النخبوية العلمية والثقافية، كما يمكن القول أنّ المكتبات تعدّ مركزا دوليا يؤدي دورا فاعلا في التعاون وتبادل الفكر والعلم بين الشعوب وبين الأديان، وذلك عبر وسائل كثيرة منها إقامة المؤتمرات، ومن باب المثال أقيم في المكتبة الرضوية مؤتمر كبير حول الفعاليات التطوعية المكتبية.
كما أشار الدكتور مرواريد إلى التغيرات التي طرأت على الحركة العلمية في العالم، وقال في هذا الشأن: في السابق كانت الجامعات هي المركز الوحيد للنشاطات العلمية والبحثية، ولكن منذ عقد من الزمن شهدنا حضورا واسعا للمراكز المعرفية المستقلة باعتبارها مراكز تأثير علمي، والتي استطاعت أن تستقطب الفعاليات العلمية إلى جانب الجامعات، وينبغي أن تتأثر المكتبات بهذه المراكز المعرفية، فالتيار العلمي اليوم يجري بهذا الشكل.
كما أشار إلى تاريخ مكتبة العتبة الرضوية المقدسة قائلا: لهذه المكتبة مع ما تمتلكه من تاريخ عريق وظيفة خاصة في إحياء التراث على صعيدين، الأول العالم الإسلامي، والثاني الحوار الثقافي مع حضارات العالم.
وبيّن مرواريد أنّ المكتبة والمتحف ومراكز الوثائق هي مراكز لخدمة التجمعات الحضرية، ومن وظائفها تعليم السكان.
وقال: مكتبة العتبة الرضوية تتمحور حول الزائر، ونتوقع من مدراء هذه المكتبة أن يركزوا في البحوث العلمية على موضوعات علم نفس الزيارة، ودراسات الحرم الشريف التاريخية، ووضع السياسات العامة للزيارة.
حوالي مئة عام من تاريخ نشر كتب التراث
كما قدم السيد أنيس ميري، خبير البحوث والنتاج البحثي في مؤسسات مكتبات ومتاحف ومركز وثائق العتبة الرضوية، تقريرا حول النشاطات البحثية في هذه المؤسسة، وأشار إلى أعمال النشر التي قامت بها مكتبة العتبة الرضوية خلال قرن من الزمن.
وقال: يرجع أول نشر لكتب التراث في المكتبة الرضوية إلى العام ۱۹۲۶م وخلال ۸۶ عاما أي إلى العام ۲۰۱۲ تمّ نشر ۱۲۳ كتابا من قبل مؤسسة المكتبات في العتبة الرضوية، منها ۶۵ كتاب فهرسة للنسخ الخطية، و۵۰ كتاب تأليف وترجمة، و۹ كتب طباعة نسخة طبق الأصل (فاكسيميل).
كما أشار هذا الخبير إلى النشاطات القيّمة لمؤسسة مكتبات العتبة الرضوية في السنوات الأخيرة في مجال نشر كتب التراث، وقال: نجحت هذه المؤسسة ومنذ العام ۲۰۱۸ بنشر ۳۰ كتابا من كتب التراث.
وأوضح أنّ النشر في مجال التراث موجه لجمهور خاص، وقال: جرت العادة في المحافل العلمية أنّه لكي يصل الباحث إلى المواد والكتب العلمية التي يحتاجها يقوم بمراجعة المؤسسة العلمية التي يتبع لها، وفي مجال نشر التراث يقوم الناشر وفقا لرسالته وأهدافه بنشر الكتب بعدد نسخ يتناسب مع جمهوره الخاص.
وأوضح السيد ميري أنّ مؤسسة مكتبات العتبة الرضوية تمثّل فرصة وأرضية غنية ومناسبة جدا للبحث العلمي، وذلك لامتلاكها مصادر فريدة ونادرة في مجال المخطوطات، والوثائق والمقتنيات المتحفية، مضافا إلى كوادرها المتخصصة وذات الكفاءة العالية في مجال البحث العلمي.
۱۲ مشروعا بحثيا
تعدّ مؤسسة المكتبات والمتاحف ومركز الوثائق في العتبة الرضوية المقدسة من أقدم وأعرق مؤسسات المكتبات في إيران ولا سيما في مجال المخطوطات والوثائق وأرشيف المطبوعات ومقتنيات المتاحف، حيث شهدت هذه المؤسسة القيام بالكثير من البحوث بهدف صون مصادرها ومراجعها القيمة والتعريف بها وتقديم مختلف المعلومات حولها للمحافل العلمية.
من المشاريع البحثية المعتمدة في هذه المؤسسة يمكن أن نذكر العناوين التالية: "دراسة تاريخ الإنارة في العتبة الرضوية المقدسة، "تأليف وتدوين الجزء الأول من موسوعة المصطلحات الفنية للمتاحف"، "تصنيف وتحليل الأشعار الفارسية فر حرم الإمام الرضا(ع) من النواحي الفنية والتاريخية والأثرية"، "دراسة أثرية لمقتنيات الأسلحة النارية منذ العهد القاجاري في متحف العتبة الرضوية"، "تحليل تاريخي فني للتعامل مع القرآن الكريم في خراسان في عهد الغزنويين"، "تحقيق وتصحيح مخطوطة كتاب البصائر في الوجوه والنظائر"، وقد عهد بإجراء هذه المشاريع البحثية إلى باحثين وأساتذة من خارج مؤسسة مكتبات العتبة الرضوية.
كما يمكن أن نشير إلى عدد آخر من المشاريع العلمية التي تم الإعلان عنها في هذه المراسم، والتي تمّ تكليف باحثي المؤسسة بالقيام بها، وهي: "سيرة وترجمة حياة آية الله الشيخ هاشم القزويني"، "عمارة العتبة؛ رواية نصف قرن من توسعة الحرم الشريف"، "تاريخ التصوير في حرم الإمام الرضا(ع)"، "فهرس وصفي لمقتنيات متاحف العتبة الرضوية المسجلة في قائمة التراث الوطني"، "دراسة تاريخ قسم الرقابة في وثائق الهياكل الإدارية للعتبة الرضوية المقدسة منذ العهد الصفوي وحتى العهد البهلوي الأول"، "إصلاحات محمد ولي أسدي في العتبة الرضوية المقدسة بين العامين ۱۹۲۵ و۱۹۳۵ م".
تعليقك